بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الليل و سبل التيسير للعبد
يقول الحق تبارك وتعالى : -
"وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى{1} وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى{2} وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى{3} إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى"
يقسم الحق تبارك وتعالى في السورة بثلاثة أشياء
الليل إذا يغشى : يغطي ظلامه
و النهار إذا تجلى : انكشف ووضح
وخلق الذكر و الانثى
وجواب القسم : إن سعيكم لشتى
سبحان الله ما علاقة المقسم بالمقسم عليه ولماذا جاء جواب القسم مؤكد كل هذه التأكيدات ؟؟؟
الليل و النهار أوقات الساعي و الذكر و الانثى هم السعاه في طريق الله و جواب القسم أن سعيكم هذا مختلف اختلاف كثيراً ومتشتت و متفرق لماذا يا ربي تؤكد لنا ؟!
نعم وحق له ان يؤكد ذلك
فخلق الليل و النهار و إخراجهما من السماء دليل على ربوبيته سبحانه و كذلك خلق الذكر و الانثى
كل هذا من دلائل ربوبيته , دائما يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا , لم يتأخر لحظة طلوع النهار بعد انقضاء الليل و كذلك خلق الذكر و الأنثى لم يتغير لحظة
فالذي خلق الليل و النهار هو الرب تعهد لنا بأن الوقت واحد لا يتغير و هذه من دلائل رحمته بنا
وكذلك الذكر و الانثى خلقهما رغم الاختلاف بينهما كلا يؤدي وظيفته وكلا وظِّف لما خُلق له
ولكن ...
سبحان الله رغم أن الوقت واحد و الذكر و الانثى خلقهم واحد إلا أن السعي مختلف اختلاف شديد
وهذا يدل على أن لكل إنسان إرادة وكسب سيحاسب عليه ليظهر عدله سبحانه وأن هناك جزاء على هذا السعي المختلف .
ربي ... ما هو الطريق الذي أسلكه كي أنال رضاك و الجنة ؟؟؟؟؟
"فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى{5} وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى{6} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى{7} وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى{8}
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى{9} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى{10} وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا
تَرَدَّى{11} إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى{12}وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى" اللهم لك
الحمد كما خلقتنا لم تتركنا هكذا بل بيَّنت لنا طريق الحق فلك الحمد
إعطاء + تقوى + تصديق بالحسنى = التيسير لليسرى
إعطاء : أي يُعطي ما أمره الله به و يُنفذه بحسب استطاعته = تنفيذ الأمر
التقوى : وهى اجتناب ما نهى الله عنه = وهى أيضا تدخل ضمنا تحت تنفيذ أمر الله
صدق بالحسنى : من أصح الاقول في معنى الحسنى أنها " لا إله إلا الله " و هذا
أعم الأقوال و أشملها فعلى العبد التصديق
الذي لا يحتمل أدنى شك أي تصديق يقيني بخبر الله في كل ما جاء به رسوله وكل ما حكى
عنه من أسمائه و صفاته و كل ما أخبر به عن ملائكته و اليوم الآخر و القدر خيره و شره
إذا تنفيذ الامر + تصديق الخبر = عقيدة المسلم
نعم هذا ما كان عليه سلفنا الصالح وكانت هذه عقيدتهم بكل بساطة و سهولة يصدقون خبر الله تصديق يقيني
لا شك فيه و يجتهدون في تنفيذ أوامره و اجتناب نواهيه بقدر استطاعتهم
فيا من تريد طريق الحق و تريد أن ييسرك ربك لليسرى بقدر تصديقك لخبره و
بقدر تنفيذك لامره بقدر ما يتسر لك و يظهر لك الحق .
ما أحوجنا الآن في هذا الزمن الذي مُلئ بالتخبط و االآراء الفاسدة لهذا النور الإلهي
ما احوجنا إلى أن تتحد امتنا تحت" لا إله إلا الله " بلا زيغ ولا تفرق ولا احزاب ولا تعدد تتحد تحت عقيدة خالصة نقية لا يعتريها أي شرك
ما أحوجنا إلى أن نرجع لكتاب ربنا نصدق خبره و ننفذ أمره على مراده هو جل في علاه وليس على مرادنا و أهوائنا
ما أحوجنا إلى العودة إلى ربنا و اتباع نهجه و شرعه و عبادته وحده سبحانه
فقد تعهد لنا ربنا أن الوصول إليه و إلى جنته و ثوابه عليه سبحانه. نعم
في هذه السورة يقول الحق تبارك وتعالى :"
إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى{12}وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى "
أي من أراد السير إلى الله و لزوم طريق الحق فعلى الله سبيله ,
فإذا أردت خير الدنيا و الآخرة فالله وحده ملكهما " وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى "
فالغاية هي الوصول إلى رضا الله و جنته
و الطريق الموصل هو الهدى و الحق وهو ما أرشدنا به الله سبحانه وهو اتباع
السنة و اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم
و الدنيا و الآخرة ملك له سبحانه
فما نبغي غير هذا ؟؟؟؟؟!!!!!!!
ليس علينا إلا الصدق و الإخلاص في السعي و التوحيد لله رب العالمين
فاللهم املئ قلوبنا بتوحيدك
النوع الآخر من السعاة في طريق الله يقول عنه الحق تبارك وتعالى :"
-وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى{8} وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى{9} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى{10} وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى{11}
إذا بُخل + استغناء +تكذيب بالحسنى = تيسير للعسرى
بخل : وقد وضعه الله في مقابل الإعطاء يقول ابن القيم
إعطاء العبد وحذف مفعول الفعل للإطلاق و التعميم أي أعطى ما أُمر به و سمحت
به طبيعته وطاوعته نفسه
وذلك يتناول إعطاؤه من نفسه الإيمان و الطاعة و الإخلاص و التوبة و الشكر و
الإحسان و النفع بماله .ا. ه
و الذي بخل عطل الإعطاء عنده أي عطل عن فعل ما أُمر به و سماه الله بخلاً و في
الحقيقة هو بخل عن نفسه فالله غني عنه .
الإستغناء : جعلها الله مقابل التقوى
يقول ابن القيم في كتاب بدائع الفوائد ,
يشرح فيها كيف قابل الله اتقى باستغنى
فإن العبد المتقي لما استشعر فقره وفاقته الشديدة لربه اتقاه ,
ولم يتعرض لسخطه وغضبه ومقته بارتكاب ما نهاه عنه ,
فإن من كان شديد الحاجة والضرورة إلى شخص , فإنه يتقي غضبه
وسخطه عليه غاية الإتقاء
و يجانب ما يكرهه غاية المجانبة ويتعمد فعل ما يحبه ويؤثره .
فقابل التقوى بالاستغناء تبشيعا لحال تارك التقوى و مبالغة في ذمه بأن فعل
فعل المُستغني عن ربه
لا فعل الفقير المُضطر إليه الذي لا ملجأ له إلا إليه ولا غنى له عن فضله وجوده و بره طرفة عين .
ترى ما الذي جعل هذا العبد يستغنى ؟؟؟
ماله , سبحان الله الذي جعله يستغنى عن ربه هو ماله الذي اعطاه له ربه !!!
و يخبرنا الله جل و علا أن هذا المال لن يُغني عنه شيئا َ "مَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى{11}
ولما أقام الله على عباده الدليل و أنار السبيل و أوضح الحجة أنذر عباده الذي أعده لمن كذب خبره و تولى عن طاعته و جعل هذا الصنف من الناس هم أشقاهم
فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى{14} لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى{15} الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى{16}
وجعل أسعدهم هم أهل التقوى و الإحسان "وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى{17} الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى{18}
فهذا المتقي المحسن لا يفعل ذلك إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى فهو مخلص في تقواه و إحسانه "ابن القيم في بدائع الفوائد " ا.ه
وتأملوا في بداية السورة قال تعالى فأما من أعطى
و عندما تكلم عن الاتقى قال يؤتي ماله و لم يقل يُعطي استوقفتني كثيراً هذه
اللفظة ووجدت عندها معان جميله عندما بحثتُ عنها في لسان العرب
فلإتيان يحمل معنى حسن المطاوعة و الموافقة
وكذلك أتى الأمر آتاه من جهته ووجهه الذي يؤُتى منه
هذا الأتقى ليس فقط يُعطي ماله بل يؤتيه بطواعية نفس و إخلاص و إحسان وحب
وكما أن المستغني عن ربه كان سبب استغنائه هو ماله فالأتقى وظف ما أنعم به عليه ربه في تزكية نفسه .
وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى{19} إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى{20}
فهذا الاتقى ليس لمخلوق عليه نعمة تُجزى فهو في غاية الإخلاص لربه كيف لا وهو الرب الأعلى سبحانه
ما جزاء هذا الأتقى ؟
وَلَسَوْفَ يَرْضَى{21}
ما أعظمه من جزاء ! تعطي إحساس بأن هذا الأتقى سيُعطى فوق ما يتخيل ليس ما كان يتمناه بل سيعطى إلى أن يرضى !!
اللهم نفعنا بما علمنا .
منقوووووووول للإفادة
سورة الليل و سبل التيسير للعبد
يقول الحق تبارك وتعالى : -
"وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى{1} وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى{2} وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى{3} إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى"
يقسم الحق تبارك وتعالى في السورة بثلاثة أشياء
الليل إذا يغشى : يغطي ظلامه
و النهار إذا تجلى : انكشف ووضح
وخلق الذكر و الانثى
وجواب القسم : إن سعيكم لشتى
سبحان الله ما علاقة المقسم بالمقسم عليه ولماذا جاء جواب القسم مؤكد كل هذه التأكيدات ؟؟؟
الليل و النهار أوقات الساعي و الذكر و الانثى هم السعاه في طريق الله و جواب القسم أن سعيكم هذا مختلف اختلاف كثيراً ومتشتت و متفرق لماذا يا ربي تؤكد لنا ؟!
نعم وحق له ان يؤكد ذلك
فخلق الليل و النهار و إخراجهما من السماء دليل على ربوبيته سبحانه و كذلك خلق الذكر و الانثى
كل هذا من دلائل ربوبيته , دائما يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا , لم يتأخر لحظة طلوع النهار بعد انقضاء الليل و كذلك خلق الذكر و الأنثى لم يتغير لحظة
فالذي خلق الليل و النهار هو الرب تعهد لنا بأن الوقت واحد لا يتغير و هذه من دلائل رحمته بنا
وكذلك الذكر و الانثى خلقهما رغم الاختلاف بينهما كلا يؤدي وظيفته وكلا وظِّف لما خُلق له
ولكن ...
سبحان الله رغم أن الوقت واحد و الذكر و الانثى خلقهم واحد إلا أن السعي مختلف اختلاف شديد
وهذا يدل على أن لكل إنسان إرادة وكسب سيحاسب عليه ليظهر عدله سبحانه وأن هناك جزاء على هذا السعي المختلف .
ربي ... ما هو الطريق الذي أسلكه كي أنال رضاك و الجنة ؟؟؟؟؟
"فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى{5} وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى{6} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى{7} وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى{8}
وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى{9} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى{10} وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا
تَرَدَّى{11} إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى{12}وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى" اللهم لك
الحمد كما خلقتنا لم تتركنا هكذا بل بيَّنت لنا طريق الحق فلك الحمد
إعطاء + تقوى + تصديق بالحسنى = التيسير لليسرى
إعطاء : أي يُعطي ما أمره الله به و يُنفذه بحسب استطاعته = تنفيذ الأمر
التقوى : وهى اجتناب ما نهى الله عنه = وهى أيضا تدخل ضمنا تحت تنفيذ أمر الله
صدق بالحسنى : من أصح الاقول في معنى الحسنى أنها " لا إله إلا الله " و هذا
أعم الأقوال و أشملها فعلى العبد التصديق
الذي لا يحتمل أدنى شك أي تصديق يقيني بخبر الله في كل ما جاء به رسوله وكل ما حكى
عنه من أسمائه و صفاته و كل ما أخبر به عن ملائكته و اليوم الآخر و القدر خيره و شره
إذا تنفيذ الامر + تصديق الخبر = عقيدة المسلم
نعم هذا ما كان عليه سلفنا الصالح وكانت هذه عقيدتهم بكل بساطة و سهولة يصدقون خبر الله تصديق يقيني
لا شك فيه و يجتهدون في تنفيذ أوامره و اجتناب نواهيه بقدر استطاعتهم
فيا من تريد طريق الحق و تريد أن ييسرك ربك لليسرى بقدر تصديقك لخبره و
بقدر تنفيذك لامره بقدر ما يتسر لك و يظهر لك الحق .
ما أحوجنا الآن في هذا الزمن الذي مُلئ بالتخبط و االآراء الفاسدة لهذا النور الإلهي
ما احوجنا إلى أن تتحد امتنا تحت" لا إله إلا الله " بلا زيغ ولا تفرق ولا احزاب ولا تعدد تتحد تحت عقيدة خالصة نقية لا يعتريها أي شرك
ما أحوجنا إلى أن نرجع لكتاب ربنا نصدق خبره و ننفذ أمره على مراده هو جل في علاه وليس على مرادنا و أهوائنا
ما أحوجنا إلى العودة إلى ربنا و اتباع نهجه و شرعه و عبادته وحده سبحانه
فقد تعهد لنا ربنا أن الوصول إليه و إلى جنته و ثوابه عليه سبحانه. نعم
في هذه السورة يقول الحق تبارك وتعالى :"
إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى{12}وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى "
أي من أراد السير إلى الله و لزوم طريق الحق فعلى الله سبيله ,
فإذا أردت خير الدنيا و الآخرة فالله وحده ملكهما " وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى "
فالغاية هي الوصول إلى رضا الله و جنته
و الطريق الموصل هو الهدى و الحق وهو ما أرشدنا به الله سبحانه وهو اتباع
السنة و اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم
و الدنيا و الآخرة ملك له سبحانه
فما نبغي غير هذا ؟؟؟؟؟!!!!!!!
ليس علينا إلا الصدق و الإخلاص في السعي و التوحيد لله رب العالمين
فاللهم املئ قلوبنا بتوحيدك
النوع الآخر من السعاة في طريق الله يقول عنه الحق تبارك وتعالى :"
-وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى{8} وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى{9} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى{10} وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى{11}
إذا بُخل + استغناء +تكذيب بالحسنى = تيسير للعسرى
بخل : وقد وضعه الله في مقابل الإعطاء يقول ابن القيم
إعطاء العبد وحذف مفعول الفعل للإطلاق و التعميم أي أعطى ما أُمر به و سمحت
به طبيعته وطاوعته نفسه
وذلك يتناول إعطاؤه من نفسه الإيمان و الطاعة و الإخلاص و التوبة و الشكر و
الإحسان و النفع بماله .ا. ه
و الذي بخل عطل الإعطاء عنده أي عطل عن فعل ما أُمر به و سماه الله بخلاً و في
الحقيقة هو بخل عن نفسه فالله غني عنه .
الإستغناء : جعلها الله مقابل التقوى
يقول ابن القيم في كتاب بدائع الفوائد ,
يشرح فيها كيف قابل الله اتقى باستغنى
فإن العبد المتقي لما استشعر فقره وفاقته الشديدة لربه اتقاه ,
ولم يتعرض لسخطه وغضبه ومقته بارتكاب ما نهاه عنه ,
فإن من كان شديد الحاجة والضرورة إلى شخص , فإنه يتقي غضبه
وسخطه عليه غاية الإتقاء
و يجانب ما يكرهه غاية المجانبة ويتعمد فعل ما يحبه ويؤثره .
فقابل التقوى بالاستغناء تبشيعا لحال تارك التقوى و مبالغة في ذمه بأن فعل
فعل المُستغني عن ربه
لا فعل الفقير المُضطر إليه الذي لا ملجأ له إلا إليه ولا غنى له عن فضله وجوده و بره طرفة عين .
ترى ما الذي جعل هذا العبد يستغنى ؟؟؟
ماله , سبحان الله الذي جعله يستغنى عن ربه هو ماله الذي اعطاه له ربه !!!
و يخبرنا الله جل و علا أن هذا المال لن يُغني عنه شيئا َ "مَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى{11}
ولما أقام الله على عباده الدليل و أنار السبيل و أوضح الحجة أنذر عباده الذي أعده لمن كذب خبره و تولى عن طاعته و جعل هذا الصنف من الناس هم أشقاهم
فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى{14} لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى{15} الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى{16}
وجعل أسعدهم هم أهل التقوى و الإحسان "وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى{17} الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى{18}
فهذا المتقي المحسن لا يفعل ذلك إلا ابتغاء وجه ربه الاعلى فهو مخلص في تقواه و إحسانه "ابن القيم في بدائع الفوائد " ا.ه
وتأملوا في بداية السورة قال تعالى فأما من أعطى
و عندما تكلم عن الاتقى قال يؤتي ماله و لم يقل يُعطي استوقفتني كثيراً هذه
اللفظة ووجدت عندها معان جميله عندما بحثتُ عنها في لسان العرب
فلإتيان يحمل معنى حسن المطاوعة و الموافقة
وكذلك أتى الأمر آتاه من جهته ووجهه الذي يؤُتى منه
هذا الأتقى ليس فقط يُعطي ماله بل يؤتيه بطواعية نفس و إخلاص و إحسان وحب
وكما أن المستغني عن ربه كان سبب استغنائه هو ماله فالأتقى وظف ما أنعم به عليه ربه في تزكية نفسه .
وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى{19} إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى{20}
فهذا الاتقى ليس لمخلوق عليه نعمة تُجزى فهو في غاية الإخلاص لربه كيف لا وهو الرب الأعلى سبحانه
ما جزاء هذا الأتقى ؟
وَلَسَوْفَ يَرْضَى{21}
ما أعظمه من جزاء ! تعطي إحساس بأن هذا الأتقى سيُعطى فوق ما يتخيل ليس ما كان يتمناه بل سيعطى إلى أن يرضى !!
اللهم نفعنا بما علمنا .
منقوووووووول للإفادة